afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

مناهضة التعتيم و التضليل الاعلامي


الصحراء لايف : بقلم الدكتور محمود عياش


وصلت سطوة الصورة و حضورها قوة لا تضاها في ميدان الإعلام و التواصل،  و اصبح لها دور مؤثر، لما تحمله من محتوى و دلالة ورمزية، و يتم إغناءها بالصوت و المؤثرات المصاحبة له،حيث  تحول معها الإنسان من مستهلك للمعلومة الوسائطية إلى منتج و مساهم فيها، في ظل الطفرة الرقمية المتنامية، و التي تعرف حركة تطورية تصاعدية بشكل مذهل، ينبيء  بأن القادم من الايام ، سيحمل ثورة في عالم التواصل. ستغير معالم حياة الكثير من الناس.
لكن يبقى المهم في كل هذا كله، هي تلك العلاقة التي تربط بين الثالوث المتمثل في الخبر و ناقله و الجهة المستهلكة له، هذا الترابط اصبح يثير جدلا و نقاشا مستفيضا، في ظل الحراك المدني و السياسي و الصراع المحتدم بين الدول من اجل الهيمنة و السيطرة و بسط النفوذ، و التمادي في احتكارك الموارد و الاستيلاء على  الاسواق العالمية، وفي اتون هذا اليم المتلاطم يبرز الدور الريادي لوسائط   الإتصال لجسر الهوة بين ساكنة المعمور. ويظهر أيضا الدور المتعاظم للمعلومة كعنصر هام في كل هذه المسارات.
ولن نذهب بعيدا لنستحضر الدور المذهل الذي لعبه الإعلام خاصة إبان فترة الحروب السابقة، وكيف تحول الى إقتصاد رائج و كيف ساهم في تسويق صور  و انماط سلوكية و مارس غزوا معرفيا و كرس استلابا ثقافيا، و اسقط أنظمة سياسية و هامات اقتصادية و قيم اجتماعية ظلت عصية على السقوط و التبعية و الاندثار.
اما اليوم فظهرت انماط اعلامية جديدة همها الأساسي خدمة اجندات سياسة معينة، و تمرير سياسيات اقتصادية بعينها، و إشاعة ثقافات  الدول القوية  ، والترويج لقيم تكرس التبعية و الانصهار في بوتقة الراسمالية العالمية، لتشكيل انسان وفق نمط معين يدور في فلك الاستهلاك و تثبيت قيم الدول المهيمنة.
و الخطير في كل هذا ان هذه العدوى، انتقلت الى الاعلام المحلي بشقيه الرسمي و الحر، ليجد نفسه، منساقا مع هذا المد العالمي الراغب في تنميط الانسان وتحويله الى مستهلك شره، ويدور في دائرة منظومة مرسومة له، يكون فيه طيعا، ينفذ ما يطلب منه بيسر و دون ادنى تفكير أو اعتراض.
فاصبح الاعلام يمارس ايشع وسائل التضليل مستعملا مختلف الأساليب الحديثة المتاحة، خاصة التقنيات الرقمية التي تتيح التحكم في المعلومة وو ضعها وفق المقاس المراد لها، كم يتم اللجوء الى التعتيم واقبار الرأي المخالف و التضييق عليه، من خلال اساليب مختلفة ، كالتشويه و الاشاعة و الابتزاز و شراء الذمم، والنشر الواسع للاخبار المغلوطة، وفبركة القصص والاخبار المشوهة…الخ.
ان وتيرة انتشار مثل هذه الاخبار،هي  مثل انتشار النار في الهشيم، مستفيدة من الالة الاعلامية الرسمية الضخمة و التي يسخر لها جيش من العاملين و اموال طائلة من أجل السيطرة والاستحواذ على المشهد الاعلامي و ينساق وراء هذا العمل مجموعة من الصحافين همهم الحصول على الحظوة  و الدعم و الأمان السياسي و الرخاء الاقثصادي التموقع الاجتماعي.
كما يتم اللجوء إلى التعتيم الإعلامي خاصة على الاحداث التي يكون لها ارتباط بالحراك الاجتماعي و التوتر السياسي، ولها تأثير على هيبة الدولة داخليا و صورتها خارجيا، او لها ارتباط بالانتهاكات او تمس ميادين الحقوق والحريات،.
إن شيوع مثل هذه الممارسات يهدد الديمقراطيات الناشئة و يفقد الاعلام استقلاليته،ويرفع من درجة غليان  التذمر الاجتماعي و يقلل من فيمةالاصلاحات السياسية و يهدد ايضا السلم الاجتماعي و الاستقرار الاقتصادي.
وتعد مناهضته والتصدي له واجب لامناص عنه وكشفه وفضحه و التضييق عليه امرا لازما و ضرورة ملحة، لأن نجاح اي ديمقراطية مجتمعية تتأسس على إعلام حر و نزيه ومستقل و متفاعل مع مايعتمل في محيطه من احداث و تطورات.

banner ocp
تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد