الصحراء لايف : اتفرح حيماد
لم تـكـن السمارة سـاحرة فـي عـيـنيه كما كانت أياما خلت… يبيت في الشارع ولا يبدو أن ذلك سيتغير، يتمدد على الرصيف الناحل الضيق كجرح يتمدد، يحاول انتزاع حقوق سلبتها منه سلبية الأقدار، وعنهـجية الظروف، إنه لمشهد يندى له الجبين خجلا، فلعل مسؤولا مر بالجوار لكنه لم يستشعر ظروفه القاسية، ولا حتى شاطره إياها كما كان يفعل أمير المؤمنين عمر الفاروق، يوم كان يترك الناس نياما ويجوب المدينة مشيا على الأقدام بحثا عن فقير لم يصله خبره.
بل ويحرص شخصيا على أن يطهو بنفسه ويكسي ويطعم بيديه خوفا من حق الرعية فأين نحن من هذه الرحمة يا ترى؟ فبعد أن انتشرت في الآونة الأخيرة صورة متشرد يفترش الرصيف الخالي ليستكان فيه بمقربة من صيدلية الواحة الكائنة بمدينة السمارة، حيكت قصص وروايات عن تخلي أخيه عنه وعن عدم مقدرة الرجل المجهول الهوية التفوه بكلمة، أوحتى معرفة اسمه وأصله وو … ومع كثرة الروايات والتساؤلات وإن تفاوتت صحتها، تبقى الحقيقة المرة أنه يعاني الشيئان معا : لا يستطيع سد رمق العطش في وقت تعرف فيه المدينة موجة حر يصعب معها مقاومتها، ولا حتى إيجاد كسرة خبز لإسكات جوعه.
إلى أن نحل جسمه وشحب لونه، و بدت علامات الشقاء بادية على وجهه. ففي الوقت الذي كان حريا بتلكم الجمعيات التطوعية أن تشمر عن سواعدها وتتحرك مهرولة لانقاد المواطن الضعيف المغلوب على أمره وانتشاله من رحمة الموت المحقق، أو إمداده بما يحتاجه من قوت ومسكن يأويه، بدل المبيت في العراء، ومجابهة أقسى عذابات الطبيعة والطقس صيفا، في مقابل ذلك فضلت الركون في بيتها خوفا من أن تصيبها ضربات الشمس الموجعة.
فما أحوج مجتمعنا إلى وجود أشخاص خيرين أو جهات خيرية فاعلة ترعى الفقير والمسكين والمحتاج والمتشرد وتطرق أبوابهم لتحسن إليهم من أعطيات الباذلين، وتوصل لهم الفائض من الملابس والولائم وغيرها من الأساسيات التي قد يحتاج الفقير منا إليها سدا لعوزه.
ولا يقتصر عمل الخير على الجمعيات فقط بل على كل شخص منا مد يد العون والمساعدة قدر المستطاع وبقدر الإمكانيات المتاحة والمتوفرة، سيرا على ما حث ديننا الحنيف عليه من إنفاق وبذل في طرق الخير لأن البذل يعود على المسلم بالخير الكثير ويستوقفني قوله تعالى {مثل الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتتَ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم} .